منتديات أنصار الأسري

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي يهتم بشؤون الحركة الوطنية الأسيرة في سجون و معتقلات الإحتلال الإسرائيلي ، وبالأسرى المحررين ،وتسليط الضوء على قضية الاسرى ومعاناتهم ، وإثارتها في كل المحافل الحقوقية والإنسانية والدولية ، والعمل المتواصل من أجل إطلاق سراحهم جميعاً .


    هشام عبد الرازق وفرسان الحرية بقلم:خيري حمدان

    avatar
    دنيا الوطن


    عدد المساهمات : 16
    تاريخ التسجيل : 08/12/2009

    هشام عبد الرازق وفرسان الحرية بقلم:خيري حمدان Empty هشام عبد الرازق وفرسان الحرية بقلم:خيري حمدان

    مُساهمة  دنيا الوطن الثلاثاء ديسمبر 08, 2009 12:44 pm

    هشام عبد الرازق وفرسان الحرية بقلم:خيري حمدان




    أصدرت ((وزارة الثقافة الفلسطينية - الهيئة العامة الفلسطينية للكتاب)) رواية للأسير المحرر ووزير الأسرى المناضل هشام عبد الرازق. وهي رواية طويلة جاءت في 388 صفحة، حوت في طيّاتها مصائر رجال وقفوا في وجه الجبروت الإسرائيلي وتعنّت الجلاد والسجّان! كنت أرغب حقيقة بالكتابة عن هذا العمل المميّز من قبل، لكنّي فضّلت الانتظار حتى أنتهي من قراءة آخر صفحة من هذه الرواية، لأنّها تمثّل رحلة هذا الرجل الجبل في صموده لمدّة زادت عن عقدين من الزمان، تجوّلت خلالها عبر أحداث تاريخية، فوجدت هناك زيارة السادات التاريخية وزيارة الرئيس الراحل ياسر عرفات التاريخية أيضاً إلى واشنطن، ومحادثات أوسلو ومضاعفات الحرب العراقية على الكويت والعدوان الذي تبع ذلك على العراق. تتوالى الأحداث وآلاف الرجال يقضون سنواتٍ طويلة في السجن مليئة بالألم والشجون والمراوحة ما بين زنزانة وأخرى. السيّد هشام عبد الرازق الذي كان ولفترة طويلة من الزمن الممثّل والمتحدّث باسم الأسرى، كان أيضاً بمثابة المعلّم والقائد الذي لم يوفّر جهداً لتقديم النصيحة. فتارة نراه يدعم الإضراب المفتوح عن الطعام وتارة نجده يطالب الأسرى بتوفير طاقاتهم بعض الوقت حتى تصبح الظروف مواتية، وحتى تتفرّغ وسائل الإعلام لتسلّط الأضواء عليهم وبالتالي العمل على حلّ قضاياهم الإنسانية والحياتية اليومية. هكذا تمكّن الأسرى من الحصول على أجهزة التلفزة، بالرغم من أنّهم لم يتمكنّوا في البداية من مشاهدة أية قنوات مرئية عدا القنوات الإسرائيلية، وبعد سنوات تحسّنت ظروفهم وتمكّنوا من مشاهدة القنوات المصرية والأردنية. كلّ هذا جاء عبر نضال مرير راح ضحيّته الكثير من الأسرى السياسيين في السجون الإسرائيلية.

    وقف الكاتب على الكثير من المواقف التي بقيت ثابتة في وعي القارئ، ومنها المحافظة على الوحدة الوطنية مهما كانت النتيجة، وقد تجلّى هذا واضحاً في مواجهة الخطاب الديني المجرّد، حيث أكّد الكاتب بأنّه من الضروري أن يتفهّم ممثّلو الحركات الإسلامية في السجون بأنّهم جزءٌ من المصير العام، وعزلتهم لا تصبّ في الصالح العام لآلاف السجناء، والذين هم في أغلبهم مسلمون أيضاً. كما أنّ السجّان لا يفرّق بين أسيرٍ وآخر فكلّهم سواسية في غرفة التعذيب أو في العزل والحرمان.وهناك وقفة جريئة أخرى تمثّلت في معالجة قضايا العملاء أو أولئك الذين وقعوا في فخّ العمالة، وقد طالب الكاتب ضرورة العودة لقرار مركزي لتقنين التعامل معهم، وعدم التسرّع في محاكمتهم الانفرادية وتنفيذ الأحكام القاسية كالإعدام دون وجه حقّ، فهناك الكثير من العوامل التي من الواجب أخذها بعين الاعتبار، وهناك وسائل كثيرة للتأثير عليهم لإعادتهم لطريق الصواب، ومن الممكن استخدام أساليب أخرى تكون ناجعة عدا القتل، وبالطبع يطول الحديث في هذا الشأن ما بين مؤيّد ورافض. في الحقيقة فتح السيّد هشام الكثير من الملفّات التي تحتاج لدراسة شاملة وعميقة للمسيرة الوطنية والقضايا ذات العلاقة المباشرة مع ملّفات الأسرى.

    الانتفاضة الفلسطينية لم تتناسى لحظة واحدة محنة الأسير الفلسطيني، وقد كان من عواقبها التخفيف من وطأة السجن والزنازين المظلمة الباردة وحقد بعض مديري السجون التاريخي، وكأنّهم فطموا على هذه الكراهية، حيث يجدون متعة غير منقطعة في تعذيب وإنهاك إرادة الأسير وحرمانه من متعة الرغيف واللباس الدافئ وأشعة الشمس والكتاب والقلم والسيجارة والتنزّه والتنقّل بين الأقسام الأخرى لرؤية ومحادثة الأسرى الآخرين. ولن أنسى كم كانت فرحة الأسرى كبيرة حين عرفوا بأنّهم سيتمكنون من تناول الملوخية والكولا بعد حرمان استمرّ ما يقارب تسعة عشر عاماً.

    ولا بدّ في هذا المقام من تقديم الشكر لوزارة الثقافة الفلسطينية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اليسكو التي ساهمت ودعمت صدور هذا الكتاب والذي يعتبر وثيقة على مرّ التاريخ، رواية ستبقى الشاهد على معاناة الأسير الفلسطيني ولتكون ذات الوقت حافزاً لأصحاب القرار بتذكّر أولئك الرجال الصامدين كالطور، شامخين في وجه الصحراء وقيظها ورطوبة المشاعر ووطء الزمن ومراقبة قطار العمر يهدر مغادراً وقد بان الشيب في مفارق الشعور والرؤوس، ولحظة رجاء، وبارقة أمل تلمع في الأعين الكسيرة.

    بالله عليكم لا تنسوا أحلام الأسرى وكوابيسهم وصورهم التي ذبلت وأضحت باهتة في أطرها، لكنّها ما تزال منعكسة في أعين الأمّهات والآباء والأطفال المسافرين نحو الغد.

    بقي أن أنوّه إلى ضرورة العناية بمستوى الرواية العربية، واعتقد بأنّ الكتاب والذي يمثّل تجربة امتدّت العمر كلّه يستحقّ مدّقّقاً إملائياً ونحويّاً لتجاوز الأخطاء المتناثرة في الكثير من أجزاء الكتاب. دعني أشدّ على قلمك وأحيّيك أخي هشام عبد الرازق على صمودك ومقدرتك الفائقة في الحفاظ على إنسانيّتك وحضورك في يومنا طوال سنوات الأسر والعذاب.



      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 2:54 pm